يواجه العالم لحظة أزمة لم يسبق لها مثيل. إن جائحة كورونا – Covid-19، يدفع صمود البشرية إلى أقصى حد، زيادة على تأثيراته الواسعة على المستوى الاجتماعي، الاقتصادي والبيئي.
يؤثر الوباء بشكل خاص على كبار السن، الأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية مستبطنة، مما يجعل أهمية الاعتماد على نهج مجتمعي لتقديم أنظمة صحية جيدة تستجيب لجميع الأعمار. بهذه الجائحة، سلّطت الضوء على الهشاشة وعدم المساواة الكامنة في مجتمعاتنا والحاجة الماسة لنظم صحية أقوى، وتوفير عالمي للحق في الصحة والحماية الاجتماعية للجميع، فضلاً عن التنمية المستدامة طويلة المدى، كما هو منصوص عليه في أهداف التنمية المستدامة لأجندة التنمية المستدامة 2030.
نحن نؤكّد على أن منظمات المجتمع المدني والمتطوعين لديهم دور حاسم في دعم العمل المجتمعي وضمان عدم ترك أولئك المهمشين في معظم الأحيان خلال هذا الوقت العصيب. وننوّه بالمتطوعين في أنحاء كثيرة من العالم، حيث يشتغلون لضمان وصول الأغذية الحيوية والإمدادات الطبية والمواد الأساسية إلى المتضررين.
سنحدد استجابات المجتمع في مختلف البلدان ونشارك قصص هؤلاء الأبطال في مختلف المجتمعات، حيث يجدون أنفسهم في الخطوط الأمامية لهذه الاستجابة الطارئة والتي تدعو للتعلم والاستلهام. وفي نفس الصدد، نتوقع من قادة العالم ضمان معالجة التدابير الرئيسية التالية لبناء مستقبل أكثر عدالة:
عدم المساواة
في أطار المجهودات المبذولة للاستجابة لجائحة كورونا، من المهّم جدا ألا يُترك أحدا وحده. لذلك ندعو الأمم المتحدة وحكومات مجموعة العشرين (G20)، أن يُؤدّوا عملية متعددة الأطراف لضمان ما يكفي من الدعم المادي من خلال منظمة الصحة العالمية والحكومات الوطنية لضمان توفير الرعاية الصحية الشاملة والمجّانة، الرعاية الاجتماعية والدعم لأولئك الذين يتأثرون مباشرة في جميع أنحاء العالم.، وذلك على قدم المساواة بغض النظر عن الإطار القانوني للأفراد، العمر، الجنس، الإعاقة أو الهوية ، دون الخوف من الترحيل، الاحتجاز، التجريم، الاستغلال أو الاعتداء، مع ضمان شفافية العملية، على أن تكون أيضا شاملة ومنصفة وقابلة للمساءلة.
وندعو كذلك إلى الإلغاء الفوري للديون، خلق آليات لتخفيف الأعباء المالية، والاستثمار على نطاق واسع لتمويل تقديم خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية الشاملة في كل مكان في جميع أنحاء العالم لضمان أن تكون الرعاية الصحية شاملة ومجانية للجميع. وندعو إلى وضع سياسات مالية جريئة، بما في ذلك المصارف المركزية لتوفير الموارد والسيولة للحكومات بطريقة منسقة، من أجل تمويل جهودها الرامية إلى الاستجابة للأزمة في بعدها الاقتصادي والاجتماعي.
كما ندعو الأمم المتحدة والحكومات إلى الإسراع في تحديد التدابير الرامية إلى دعم أولئك الذين هم في وضع اقتصادي هش من خلال إنشاء صندوق عالمي للإنعاش وتنفيذ استحقاقات الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الشاملة في جميع البلدان، بما في ذلك إنشاء ودعم الحدود الدنيا للحماية الاجتماعية.
الحقوق المدنية
نحن قلقون من استخدام سلطات الطوارئ بشكل عشوائي لتقييد الحريات الأساسية للناس، وتقليل فرصة الحوار العام، وإلغاء واجب رعاية المواطنين المعرضين للخطر من مقدمي الرعاية الصحية والاجتماعية بسبب السن والإعاقة. وتستهدف بعض الحكومات عمدا المبلغين عن المخالفات وأولئك الذين يتبادلون المعلومات عن أوجه القصور في الاستجابة لانتشار فيروس كورونا COVID-19 وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان. ولذلك، فإنه من الجلي التصدي لكل ما يقيد الحريات المدنية كتحدي جوهري وجب مواجهته بشكل فوري
لكل شخص الحق في الصحة وفي التحرر من التمييز. وفي أوقات الأزمات، قد يكون من الضروري إتخاذ إجراءات صعبة بشأن تحديد من يتلقى العلاج الطبي. ولذلك نذكر الحكومات بأن اولوية العلاجات الطبية يجب أن تنبني على مبدأ الحاجة الطبية و الحقائق العلمية والمبادئ الاخلاقية و كذا العدل و النسبية.
إننا نذكر كل الحكومات ان تقييد الحركات والتجمعات يجب أن يستجيب لاتفاقيات حقوق الإنسان والمواثيق الدولية حيث أنه يجب أن تكون التدابير مؤقتة، وقابلة للمراجعة، وضرورية ومتناسبة مع المخاطر التي تم تقييمها، وموجهة لضمان السلامة العامة مع موازنة الحريات.
نؤيد كذلك دعوة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار عالميا خلال الوباء. كذلك نشيد بتخفيف عقوبات المساعدة الإنسانية للضعفاء في البلدان الخاضعة للعقوبات؛ وإعادة توجيه الإنفاق العسكري لصالح الحماية الاجتماعية.
كما ندعو الأمم المتحدة إلى حماية حرية التعبير لمن يسعون إلى تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الأشخاص الذين يعانون جراء جائحة كورونا.
حقوق المرأة وعدالة النوع
تلعب المرأة دورا كبيرا في الاستجابة لجائحة كورونا، حيث يشكلون 70 في المائة من القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية في العالم، مما يجعلهم في الخطوط الأمامية للاستجابة لهذا الوباء الجائح، ويجب أن يكونوا محميين على نحو ملائم ومناسب. ولذلك، فإننا ندعو جميع الحكومات إلى التأكد من أن العاملين في مجال الصحة والرعاية الاجتماعية مدربون ومجهزون بشكل مناسب، وكذا توفير ظروف عمل آمنة وملائمة؛ وموارد كافية، بما في ذلك من خلال سد الفجوة في الأجور بين الجنسين، والتي تعادل نسبة 28٪ في قطاع الصحة من خلال تحديد أجور متساوية فورية للعمل المتساوي.
كما يتعين على الحكومات أن تدرك وتتصدى للكيفية التي تؤثر بها الأدوار التقليدية القائمة على النوع الاجتماعي في كيفية تعرض الناس بمختلف الأجناس والأعمار لأزمة كورونا، والتأكيد من جديد على أن الدور التقليدي للمرأة، كما في السابق، كمقدمي الرعاية لأفراد الأسرة المرضى، يزيد من خطر الإصابة بالأمراض من النساء والفتيات.
لقد تسببت حالات الطوارئ الصحية السابقة في انقطاع الخدمات الصحية الروتينية مثل الحصول على منتجات وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية، والحصول على برامج اللقاحات، وتوفير الرعاية المادية الجيدة – بحيث لهذا الإنقطاع عواقب وخيمة على ملايين الأرواح. ولهذا، نحن ندعو الحكومات إلى حماية وتوفير الخدمات الصحية الأساسية من خلال أنظمة الرعاية الصحية الأولية القوية وأنظمة الرعاية الصحية الشاملة التي تشمل خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.
هناك بالفعل زيادات كبيرة في معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي (الذي يؤثر بشكل مباشر على النساء والفتيات)، بما في ذلك العنف المنزلي في حالات الإغلاق، والتحرش العنصري والجنسي في الشوارع وأماكن العمل، واستراتيجيات التكيف السلبية، والعنف الحكومي، في حين أن الدعم غالبا ما يتم تحويله إلى الاستجابة لحالات الطوارئ، مما يعرض حياة النساء والأطفال للخطر. ولهذا ندعو الحكومات إلى زيادة الدعم بشكل عاجل لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستجابة له، حسب المسار المزدوج التالي:
1) تمويل المنظمات المتخصصة في العنف المبني على النوع الاجتماعي لتقديم مبادرات الوقاية والملاجئ والخطوط الساخنة والدعم النفسي والاجتماعي والقانوني؛
2) اتخاذ نهج متعدد القطاعات من خلال دمج إنهاء العنف المبني على النوع الاجتماعي في الاستجابات لـ COVID-19.
نوصي بأن يعتمد التمويل المرتبط بـ Covid-19 ، بما في ذلك صناديق COVID التابعة للأمم المتحدة ، منظورًا يعتمد على مقاربة النوع ويتضمن مؤشرًا خاص بذلك حتى نتمكن من تتبع ورصد الأنشطة والآثار التي ستترتب على النهوض بالمساواة بين الجنسين. ونشدد على أن الحكومات يجب أن تتمسك بالالتزامات المالية والسياسية من أجل النهوض بصحة الفتيات والنساء وحفظ حقوقهن، وألا تسمح لهذه الأزمة بزيادة التفاوتات أو عكس المكاسب التي تحققت بصعوبة في المساواة بين الجنسين من خلال تطبيق مقاربة نوعية غير عادلة على جميع التمويل.
المناخ والعدالة البيئية
إن زيادة التواصل بين الإنسان والحيوانات البرية وفقدان هذه الأخيرة موطنها الطبيعي، النزوح المرتبط بتغير المناخ والتحولات في حركة الحيوانات والبشر؛ وتشجيع الممارسات الغير المشروعة مثل أسواق الحياة البرية والتجارة، تُشجّع على خلق وانتشار الأوبئة.
وقد ظهر فيروس كوفيد-19 في وضع تتعرض فيه الطبيعة والحياة البرية لضغوط بشرية. بحيث يعتبر البعض أن الوباء هو “دعوة الطبيعة لإيقاظ البشرية”. فالحيوانات لا تُعالج في ظروف سيئة فحسب، بل إن زيادة مستويات اجتثاث الغابات تضع البشرية على اتصال أوثق بالعالم الطبيعي والتنوع البيولوجي يتعرض لهجوم يومي. ولهذا، سنعمل مع شركاء المجتمع المدني لتبادل النهج التي تغذي الطبيعة وتحمي التنوع البيولوجي كجزء من التعافي ما بعد COVID-19.
إننا ندعو الأمم المتحدة إلى أن تقوم على وجه السرعة بمراجعة الاتجار بالحيوانات البرية والمضي قدما نحو حظره، كما ندعو جميع الحكومات إلى وقف اجتثاث الغابات.
إن أي حافز إقتصادي لابد وأن يضمن أن اقتصاد المستقبل مستدام وعادل، وأن يعمل على إبعاد صناعات الوقود الأحفوري وخلق الملايين من فرص العمل المستدامة. فقد بدأت الحكومات في تقديم الحوافز المالية الرئيسية وحزم الإنقاذ الاقتصادي مع دخول بعض البلدان في مرحلتها الثانية من الإستجابة.
وكما أكّده الممثل الخاص للأمين العام وآخرون، فإننا بحاجة إلى “التعافي بشكل أفضل” في وقت يتسم بوجود خطر كبير يتمثل في العودة إلى عاداتنا المعتادة والتحفظ على انبعاثات الكربون العالية. إن أهداف التنمية المستدامة تقدم لنا خريطة طريق للمستقبل الذي نريده، وقد علمنا هذا الوباء أن التناسق السياسي والتركيز على التعهد بعدم ترك أحد خلفنا يشكل أهمية بالغة.
تركز الحكومات حاليا بدقة على الطوارئ الفورية إلا انه في حالة تحضيرها لخطط مستقبلية لابد أن تتحقق من تضمين التعهدات و الخطوات التي من شأنها تمكين كل بلد من تحمل واجباتها الموقعة خلال اتفاق باريس للمناخ والذي يضمن أن الاحتباس الحراري لن يتفاقم بل ستستمر في الانخفاض خلال المستقبل القريب بهدف الوصول إلى الصفر الصافي، مع الحد من التدفئة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة
-إعادة البناء بشكل أفضل
يجب أن نكون مستعدين وملتزمين بإعادة البناء بشكل أفضل ، مسترشدين بالمبادئ والالتزامات الواردة في أهداف التنمية المستدامة العالمية ، والتعاون ، وحقوق الإنسان ، والترابط ، وعدم ترك أي شخص وراء الركب. هناك حاجة إلى سياسات قائمة على الإطار الدولي لحقوق الإنسان والتماسك بين الأجيال لتحقيق دخل آمن ، صحة أفضل ، سكن لائق ،السلامة والتمتع بالحقوق لجميع الأعمار
إننا في حاجة إلى حافز إقتصادي كبير يؤسس لعقد إجتماعي جديد بين الناس والحكومات والأسواق، يعمل على الحد جذريا من التفاوت وعدم المساواة بين الجنسين، ويضع الأسس لاقتصاد عادل ومتساو ومستدام.
وفي الختام، نحن ندعو الأمم المتحدة إلى 12 نقط كالآتي
في مرحلة “الاستجابة” على المدى القصير، تقوم حكومات الدول الأعضاء والوكالات المانحة بما يلي:
في مرحلة “التعافي” المتوسطة الأجل، تعمل حكومات الدول الأعضاء والوكالات المانحة على:
المرجو مشاركة هذا البيان مع هاشتاغ #CovidCitizenAction.
الموقعين
<img src="https://mirrors.creativecommons.org/presskit/buttons/80x15/png/by.png" height="15"> Action for Sustainable Development
<a href="/photo-credits">Photo Credits</a> <a href="/privacy-policy">Privacy Policy</a>